الأرواح كقوله تعالى واسئل من قد ارسلنا قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون وقيل الضمير للرحمن والمعنى ان انكروا اطلاقه على الله فاسأل عنه من يخبرك من اهل الكتاب لتعرفوا مجيء ما يرادفه في كتبهم.
(60) وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن قيل لأنهم ما كانوا يطلقونه على الله أو لأنهم ظنوا انه اراد به غيره تعالى ، القمي قال جوابه الرحمن علم القرآن خلق الانسان علمه البيان انسجد لما تأمرنا وقرء بالياء وزادهم نفورا عن الإيمان يعني الامر بسجود الرحمن.
(61) تبارك الذي جعل في السماء بروجا يعني البروج الاثني عشر وقد سبق بيانها في سورة الحجر وجعل فيها سراجا يعني الشمس لقوله وجعل الشمس سراجا وقرء سرجا بضمتين فيشمل الكواكب الكبار.
وفي الجوامع عنهم عليهم السلام لا تقرء سرجا وانما هي سراجا وهي الشمس وقمرا منيرا مضيئا بالليل.
في الاهليلجة عن الصادق عليه السلام في كلام له وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا يسبحان في فلك يدور بهما دائبين يطلعهما تارة ويؤفلهما اخرى حتى تعرف عدة الايام والشهور والسنين وما يستأنف من الصيف والربيع والشتاء والخريف ازمنة مختلفة باختلاف الليل والنهار.
(62) وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة يخلف كل منهما الآخر بأن يقوم مقامه فيما ينبغي ان يفعل فيه لمن اراد ان يذّكر وقرء بالتخفيف أو اراد شكورا .
في الفقيه عن الصادق عليه السلام كل ما فاتك بالليل فاقضه بالنهار قال الله تبارك وتعالى وتلا هذه الآية ثم قال يعني ان يقضي الرجل ما فاته بالليل بالنهار وما فاته بالنهار بالليل.
وفي التهذيب والقمي عنه عليه السلام ما يقرب منه ، وزاد القمي وهو من سر آل محمد المكنون.


(23)

(63) وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا .
في المجمع عن الصادق عليه السلام هو الرجل يمشي بسجيته التي جبل عليها لا يتكلف ولا يتبختر.
والقمي عن الباقر عليه السلام انه قال في هذه الآية الأئمة يمشون على الأرض هونا خوفا من عدوهم.
وعن الكاظم عليه السلام انه سئل عنه فقال هم الأئمة عليهم السلام يتقون في مشيهم.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام انه سئل عنه قال هم الاوصياء مخافة من عدوهم وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما تسليما منكم ومتاركة لكم لا خير بيننا ولا شر.
(64) والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما في الصلاة وتخصيص البيتوتة لأن العبادة بالليل احمز وابعد من الرياء.
(65) والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم ان عذابها كان غراما لازما ومنه الغريم لملازمته.
القمي عن الباقر عليه السلام يقول ملازما لا يفارق.
أقول : وهو إيذان بأنهم مع حسن مخالفتهم مع الخلق واجتهادهم في عبادة الحق وجلون من العذاب مبتهلون الى الله في صرفه عنهم لعدم اعتدادهم باعمالهم ولا وثوقهم على استمرار احوالهم.
(66) انها سآئت مستقرا ومقاما الجملتان يحتملان الحكآية والابتداء من الله.
(67) والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وقرء بكسر التاء من اقتر وكان بين ذلك قواما .
القمي الاسراف الانفاق في المعصية في غير حق ولم يقتروا لم يبخلوا عن حق الله عز وجل والقوام العدل والانفاق فيما امر الله به.


(24)

وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله من اعطى في غير حق فقد اسرف ومن منع من حق فقد قتر.
وعن علي عليه السلام ليس في المأكول والمشروب سرف وان كثر.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام انما الاسراف فيما افسد المال واضر بالبدن قيل فما الاقتار قال اكل الخبز والملح وانت تقدر على غيره قيل فما القصد قال الخبز واللحم واللبن والخل والسمن مرة هذا ومرة هذا.
وعنه عليه السلام انه تلا هذه الآية فأخذ قبضة من حصى وقبضها بيده فقال هذا الاقتار الذي ذكره الله في كتابه ثم قبض قبضة اخرى فأرخى كفه كلها ثم قال هذا الاسراف ثم اخذ قبضة اخرى فأرخى بعضها وامسك بعضها وقال هذا القوام.
(68) والذين لا يدعون مع الله الها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله اي حرمها بمعنى حرم قتلها الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق اثاما جزاء اثم
(69) يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا وقرء يضاعف بالرفع وبحذف الالف والتشديد مرفوعا ومجزوما ويتبعه يخلد في الرفع والجزم.
القمي اثام واد من اودية جهنم من صفر مذاب قدامها حدة في جهنم يكون فيه من عبد غير الله ومن قتل النفس التي حرم الله ويكون فيه الزناة ويضاعف لهم فيه العذاب.
(70) الا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما .
في الامالي عن الباقر عليه السلام انه سئل عن قول الله عز وجل فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات فقال يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى يوقف بموقف الحساب فيكون الله تعالى هو الذي يتولى حسابه لا يطلع على حسابه احدا من الناس فيعرفه ذنوبه حتى إذا اقر بسيئاته قال الله عز وجل للكتبة بدلوها حسنات واظهروها للناس فيقول الناس حينئذ ما كان لهذا العبد سيئة واحدة ثم يأمر الله به الى الجنة فهذا


(25)

تأويل الآية وهي في المذنبين من شيعتنا خاصة.
وعن الرضا عن ابيه عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله حبنا اهل البيت يكفر الذنوب ويضاعف الحسنات وان الله ليتحمل من محبينا اهل البيت ما عليهم من مظالم العباد الا ما كان منهم على اضرار وظلم للمؤمنين فيقول للسيئات كوني حسنات.
وفي العيون عنه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان يوم القيامة تجلى الله عز وجل لعبده المؤمن فيقفه على ذنوبه ذنبا ذنبا ثم يغفر له لا يطلع الله على ذلك ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ويستر عليه ما يكره ان يقف عليه احد ثم يقول لسيئاته كوني حسنات.
والقمي عنه عليه السلام قال إذا كان يوم القيامة اوقف الله عز وجل المؤمن بين يديه وعرض عليه عمله فينظر في صحيفته فأول ما يرى سيئاته فيتغير لذلك لونه وترتعد فرائصه ثم تعرض عليه حسناته فتفرح لذلك نفسه فيقول الله عز وجل بدلوا سيئاته حسنات واظهروها للناس فيبدل الله لهم فيقول الناس اما كان لهؤلاء سيئة واحدة وهو قوله تعالى يبدل الله سيئاتهم حسنات والأخبار في هذا المعنى كثيرة.
وفي حديث ابي اسحاق الليثي عن الباقر عليه السلام الذي ورد في طينة المؤمن وطينة الكافر ما معناه ان الله سبحانه يأمر يوم القيامة بأن تؤخذ حسنات اعدائنا فترد على شيعتنا وتؤخذ سيئات محبينا فترد على مبغضينا قال وهو قول الله تعالى فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات يبدل الله سيئات شيعتنا حسنات ويبدل الله حسنات اعدائنا سيئات.
وفي روضة الواعظين عن النبي صلى الله عليه وآله ما من جلس قوم يذكرون الله الا نادى لهم مناد من السماء قوموا فقد بدل الله سيئاتكم حسنات.
(71) ومن تاب وعمل صالحا فانه يتوب الى الله يرجع إليه متابا .


(26)

القمي يقول لا يعود الى شيء من ذلك باخلاص ونية صادقة.
(72) والذين لا يشهدون الزور.
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال هو الغناء.
وفي المجمع عنهما عليهما السلام مثله.
والقمي قال الغناء ومجالس اللهو وإذا مروا باللغو (1) مروا كراما معرضين عنه مكرمين انفسهم عن الوقوف عليه والخوض فيه ومن ذلك الاغضاء عن الفحشاء والصفح عن الذنوب والكنآية مما يستهجن التصريح به.
في المجمع عن الباقر عليه السلام هم الذين إذا ارادوا ذكر الفرج كنوا عنه.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام انه قال لبعض اصحابه اين نزلتم قالوا على فلان صاحب القيان فقال كونوا كراما ثم قال اما سمعتم قول الله عز وجل في كتابه وإذا مروا باللغو مروا كراما.
وفي العيون عن محمد بن ابي عباد وكان مشتهرا بالسماع وبشرب النبيذ قال سألت الرضا عليه السلام عن السماع فقال لأهل الحجاز رأي فيه وهو في حيز الباطل واللهو اما سمعت الله عز وجل يقول وإذا مروا باللغو مروا كراما.
(73) والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا لم يقيموا عليها غير واعين لها ولا متبصرين بما فيها كمن لا يسمع ولا يبصر بل اكبوا عليها سامعين بآذان واعية مبصرين بعيون راعية.
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال مستبصرين ليسوا بشكاك.
(74) والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا وقرء وذريتنا قرة اعين بتوفيقهم للطاعة وحيازة الفضائل فان المؤمن إذا شاركه اهله في طاعة الله سر به قلبه وقربهم عينه لما يرى من مساعدتهم له في الدين وتوقع لحوقهم به في الجنة واجعلنا
____________
(1) أصل اللغو : هو الفعل الذي لا فائدة فيه.
(27)

للمتقين اماما
في الجوامع عن الصادق عليه السلام ايانا عني وفي روآية هي فينا.
وفي المناقب عن سعيد بن جبير قال هذه الآية والله خاصة في امير المؤمنين عليه السلام كان اكثر دعائه يقول ربنا هب لنا من ازواجنا يعني فاطمة وذريتنا الحسن والحسين عليهم السلام قرة اعين قال امير المؤمنين عليه السلام والله ما سئلت ربي ولدا نضير الوجه ولا سألت ولدا احسن القامة ولكن سئلت ربي ولدا مطيعين لله خائفين وجلين منه حتى إذا نظرت إليه وهو مطيع لله قرت به عيني قال واجعلنا للمتقين اماما نقتدي بمن قبلنا من المتقين فيقتدي المتقون بنا من بعدنا.
والقمي عن الصادق عليه السلام قال نحن هم اهل البيت قال وروي ان ازواجنا خديجة وذرياتنا فاطمة وقرة عيننا الحسن والحسين واجعلنا للمتقين اماما علي بن ابي طالب والأئمة عليهم السلام قال وقرء عنده هذه الآية فقال قد سألوا الله عظيما ان يجعلهم للمتقين أئمة فقيل له كيف هذا يا ابن رسول الله قال انما انزل الله واجعل لنا من المتقين اماما.
وفي الجوامع عنه عليه السلام ما يقرب منه.
(75) اولئك يجزون الغرفة بما صبروا اعلى مواضع الجنة ويلّقون فيها وقرء بفتح الياء والتخفيف تحية وسلاما يحييهم الملائكة ويسلمون عليهم أو يحيي بعضهم بعضا ويسلم عليه.
(76) خالدين فيها لا يموتون ولا يخرجون حسنت مستقرا ومقاما
(77) قل ما يعبؤ بكم ربي
القمي عن الباقر عليه السلام يقول ما يفعل ربي بكم لولا دعاؤكم
في المجمع عن العياشي عن الباقر عليه السلام انه سئل كثرة القراءة أفضل أو كثرة الدعاء قال كثرة الدعاء افضل وقرء هذه الآية فقد كذبتم بما اخبرتكم به حيث


(28)

خالفتموه فسوف يكون لزاما يكون جزاء التكذيب لازما يحيق بكم لا محالة.
في ثواب الاعمال والمجمع عن الكاظم عليه السلام من قرء هذه السورة في كل ليلة لم يعذبه الله ابدا ولم يحاسبه وكان منزله في الفردوس الأعلى اللهم ارزقنا تلاوته.