(37) وإذ تقول للذي أنعم الله عليه بالأسلام وأنعمت عليه بالعتق وهو زيد بن حارثة أمسك عليك زوجك زينب واتق الله في أمرها فلا تطلقها وتخفي في نفسك ما الله مبديه وهو أنها ستكون من أزواجه وأن زيدا سيطلقها وتخشى الناس تعييرهم إياك به والله أحق أن تخشاه إن كان فيه ما يخشى.
في المجمع عن السجاد عليه السلام أن الذي أخفاه في نفسه هو أن الله سبحانه أعلمه أنها ستكون من أزواجه وأن زيدا سيطلقها فلما جاء زيد وقال له اريد أن أطلق زينب قال له أمسك عليك زوجك فقال سبحانه لم قلت أمسك عليك زوجك وقد أعلمتك أنها ستكون من أزواجك فلما قضى زيد منها وطرا حاجة بحيث ملها ولم يبق له فيها حاجة وطلقها وانقضت عدتها (1) زوجناكها وقرء في الشواذ زوجتكها وفي الجوامع أنها قراءة أهل البيت عليهم السلام قال :
قال الصادق عليه السلام ما قرأتها على أبي إلا كذلك إلى أن قال وما قرء علي عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله إلا كذلك قال وروي أن زينب كانت تقول للنبي صلى الله عليه وآله إني لأدل عليك بثلث ما من نسائك امرأة تدل بهن جدي وجدك واحد وزوجنيك الله والسفير جبرئيل لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا علة للتزويج وكان أمر الله مفعولا
(38) ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله تم له وقدر.
القمي عن الباقر عليه السلام في تمام الحديث السابق قال فزوجها إياه فمكث عند زيد ما شاء الله ثم أنهما تشاجرا في شيء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وآله فأعجبته فقال زيد يا رسول الله أتأذن لي في طلاقها فإن فيها كبرا وإنها لتؤذيني بلسانها فقال رسول الله (ص) اتق الله وأمسك عليك زوجك وأحسن إليها ثم إن زيدا طلقها وانقضت عدتها فأنزل الله عز وجل نكاحها على رسوله.
قال وروي فيه أيضا غير هذا وقد نقلناه عند قوله تعالى وما جعلنا أدعيائكم أبنائكم في أول هذه السورة
____________
(1) عدتها : ولم يكن في قلبه ميل إليها ولا وحشة من فراقها


(192)

أقول : قد ذكرنا هناك تلك الروآية.
وفي العيون عن الرضا عليه السلام في حديث عصمة الأنبياء قال وأما محمد وقول الله عز وجل وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فإن الله تعالى عرف نبيه صلى الله عليه وآله أسماء أزواجه في دار الدنيا وأسماء أزواجه في الاخرة وإنهن امهات المؤمنين واحدى من سمى له زينب بنت جحش وهي يومئذ تحت زيد بن حارثة فأخفى اسمها في نفسه ولم يبده لكيلا يكون أحد من المنافقين يقول أنه قال في إمرأة في بيت رجل أنها إحدى أزواجه من أمهات المؤمنين وخشي قول المنافقين قال الله عز وجل وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه يعني في نفسك وأن الله عز وجل ما تولى تزويج أحد من خلقه إلا تزويج حوا من آدم وزينب من رسول الله بقوله عز وجل فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها وفاطمة من علي عليه السلام.
وعنه عليه السلام في حديث آخر في عصمة الأنبياء أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وآله قصد دار زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي في أمر أراده فرأى إمرأته تغتسل فقال لها سبحان الله الذي خلقك وإنما أراد بذلك تنزيه الله عن قول من زعم أن الملائكة بنات الله فقال الله عز وجل فأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملئكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما فقال النبي صلى الله عليه وآله لما رآها تغتسل سبحان الله الذي خلقك أن يتخذ ولدا يحتاج إلى هذا التطهير والأغتسال فلما عاد إلى منزله أخبرته امرأته بمجيء الرسول وقوله لها سبحان الله الذي خلقك فلم يعلم زيد ما أراد بذلك فظن أنه قال ذلك لما اعجب من حسنها فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله إن امرئتي في خلقها سوء وإني أريد طلاقها فقال له النبي (ص) أمسك عليك زوجك واتق الله الآية وقد كان الله عز وجل عرفه عدد أزواجه وأن تلك المرأة منهن فأخفى ذلك في نفسه ولم يبده لزيد وخشي الناس أن يقولوا أن محمدا صلى الله عليه وآله يقول لمولاه أن امرأتك ستكون لي زوجة فيعيبونه بذلك فأنزل الله وإذ تقول للذي أنعم الله عليه يعني بالأسلام وأنعمت عليه يعني بالعتق أمسك عليك زوجك الآية ثم إن زيد بن حارثة طلقها واعتدت منه فزوجها الله تعالى من نبيه صلى الله عليه وآله وأنزل بذلك قرانا فقال عز وجل فلما قضى زيد وطرا الآية ثم علم عز وجل أن


(193)

المنافقين سيعيبونه بتزويجها فأنزل ما كان على النبي صلى الله عليه وآله من حرج فيما فرض الله له سنة الله سن ذلك سنة في الذين خلوا من قبل من الأنبياء وهي نفي الحرج عنهم فيما أباح لهم وكان أمر الله قدرا مقدورا قضاء مقضيا وحكما قطعيا.
(39) الذين يُبلّغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا فينبغي أن لا يخشى إلا منه.
(40) ما كان محمد أبا أحد من رجالكم في الحقيقة فيثبت بينه وبينه ما بين الولد وولده من حرمة المصاهرة وغيرها.
القمي نزلت في زيد بن حارثة قالت قريش يعيّرنا محمد بدعى بعضنا بعضا وقد إدعى هو زيدا.
أقول : لا ينتقض عمومه بكونه أبا للقاسم والطيب والطاهر وإبراهيم لأنهم لم يبلغوا مبلغ الرجال ولو بلغوا كانوا رجاله لا رجالهم وكذلك لا ينتقض بكونه أبا للأئمة المعصومين عليهم السلام لأنهم رجاله ليسوا برجال الناس مع أنهم لا يقاسون بالناس
في المجمع قد صح أنه صلى الله عليه وآله قال للحسن إن ابني هذا سيد وقال أيضا للحسن والحسين عليهما السلام ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا.
أقول : يعني قاما بالأمامة أو قعدا عنها وقال إن كل بني بنت ينسبون إلى أبيهم إلا أولاد فاطمة فإني أنا أبوهم وقد مضى في سورتي النساء والأنعام ما يدل على أنهما ابنا رسول الله صلى الله عليه وآله ولكن رسول الله وكل رسول أبو امته لا مطلقا بل من حيث أنه شفيق ناصح لهم واجب التوقير والطاعة عليهم وزيد منهم وليس بينه وبينه ولادة محرمة للمصاهرة وغيرها وخاتم النبيين وآخرهم الذي ختمهم أو ختموا على اختلاف القراءتين.
في المناقب عن النبي صلى الله عليه وآله قال أنا خاتم الأنبياء وأنت يا علي خاتم الأوصياء وقال أمير المؤمنين عليه السلام ختم محمد صلى الله عليه وآله ألف نبي وإني ختمت ألف وصي وأني كلفت ما لم يكلفوا وكان الله بكل شيء عليما فيعلم


(194)

من يليق أن يختم به النبوة وكيف ينبغي شأنه.
(41) يا ايها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا يغلب الأوقات ويعم أنواع ما هو أهله من التقديس والتمجيد والتهليل والتحميد.
(42) وسبحوه بكرة وأصيلا أول النهار وآخره خصوصا لفضلهما على سائر الأوقات لكونهما مشهودين.
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال ما من شيء إلا وله حد ينتهي إليه إلا الذكر فليس له حد ينتهي إليه فرض الله الفرائض فمن أداهن فهو حدهن وشهر رمضان فمن صامه فهو حده والحج فمن حج فهو حده إلا الذكر فإن الله عز وجل لم يرض منه بالقليل ولم يجعل له حدا ينتهي إليه.
وعنه عليه السلام شيعتنا الذين إذا خلوا ذكروا الله كثيرا.
وعنه عليه السلام تسبيح فاطمة الزهراء من الذكر الكثير الذي قال الله اذكروا الله ذكرا كثيرا والأخبار في الذكر الكثير أكثر من أن تحصى.
(43) هو الذي يصلي عليكم بالرحمة وملائكته بالأستغفار لكم والأهتمام بما يصلحكم ليخرجكم من الظلمات إلى النور من ظلمات الكفر والمعاصي إلى نور الأيمان والطاعة وكان بالمؤمنين رحيما حيث اعتنى بصلاح أمرهم وإنافة قدرهم واستعمل في ذلك الملائكة المقربين.
في الكافي عن الصادق عليه السلام من صلى على محمد وآل محمد عشرا صلى الله عليه وملائكته مأة مرة ومن صلى على محمد وآل محمد مأة مرة صلى الله عليه وملائكته ألفا أما تسمع قول الله هو الذي يصلى عليكم وملائكته الآية.
وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله قال صلت الملائكة عليّ وعلى عليّ عليه السلام سبع سنين وذلك أنه لم يصل فيها أحد غيري وغيره.
(44) تحيتهم يوم يلقونه سلام قيل هو من إضافة المصدر إلى المفعول أي يحيون يوم لقاءه بالسلامة من كل مكروه وآفة.
في التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام اللقاء هو البعث فافهم جميع ما في كتاب الله من لقاءه فإنه يعني بذلك البعث كذلك قوله يوم يلقونه سلام يعني أنه لا يزول الأيمان عن قلوبهم يوم يبعثون وأعد لهم أجرا كريما هي الجنة.
(45) يا ايها النبي إنا أرسلناك شاهدا على من بعثت إليهم بتصديقهم


(195)

وتكذيبهم ونجاتهم وضلالهم ومبشرا ونذيرا
(46) وداعيا إلى الله بإذنه وبتيسيره.
في العلل عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في جواب نفر من اليهود حين سألوه لأي شيء سميت محمد أو أحمد وأبا القاسم وبشيرا ونذيرا وداعيا أما الداعي فإني أدعوا الناس إلى دين ربي عز وجل وأما النذير فاني أنذر بالنار من عصاني وأما البشير فإني ابشر بالجنة من أطاعني وسراجا منيرا يستضاء به عن ظلمات الجهالة ويقتبس من نوره أنوار البصائر.
(47) وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا على سائر الامم أو على أجر أعمالهم.
(48) ولا تطع الكافرين والمنافقين تهييج له على ما هو عليه من مخالفتهم ودع أذاهم إياك وإيذائك إياهم وتوكل على الله فإنه يكفيكهم وكفى بالله وكيلا موكلا إليه الأمر في الأحوال كلها.
القمي أنها نزلت بمكة قبل الهجرة بخمس سنين قال فهذا دليل على خلاف التأليف.
(49) يا ايها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن تجامعوهن فما لكم عليهن من عدة أيام يتربصن فيها بأنفسهن تعتدونها تستوفون عددها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا من غير ضرر ولا منع حق.
في الكافي عن الصادق عليه السلام في رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها قال عليه نصف المهر إن كان فرض لها شيئا وإن لم يكن فرض لها شيئا فليمتعها على نحو ما يتمتع به مثلها من النساء.
وفي الفقيه والتهذيب عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال متعوهن أي إحملوهن بما قدرتم عليه من معروف فإنهن يرجعن بكآبة ووحشة وهمّ عظيم وشماتة من أعدائهن فإن الله كريم يستحي ويحب أهل الحياء إن أكرمكم أشدكم إكراما لحلائلكم وقد مضى تمام الكلام فيه في سورة البقرة.


(196)

(50) يا ايها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاّتي آتيت أجورهن مهورهن لأن المهر أجر على البضع وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك بالسبي وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاّتي هاجرن معك وامرئة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبى إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين .
في الكافي عن الباقر عليه السلام جاءت إمرأة من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فدخلت عليه وهو في منزل حفصة والمرأة متلبسة متمشطة فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله إن المرأة لا تخطب الزوج وأنا إمرأة أيم لا زوج لي منذ دهر ولا ولد فهل لك من حاجة فإن تك فقد وهبت نفسي لك إن قبلتني فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله خيرا ودعا لها ثم قال يا اخت الأنصار جزاكم الله عن رسول الله خيرا فقد نصرني رجالكم ورغبت في نساؤكم فقالت لها حفصة ما أقل حيائك وأجراك وأنهمك للرجال فقال رسول الله صلى الله عليه وآله كفي عنها يا حفصة فانها خير منك رغبت في رسول الله فلمتها وعيبتها ثم قال للمرأة انصرفي رحمك الله فقد أوجب الله لك الجنة لرغبتك فيّ وتعرضك لمحبتي وسروري وسيأتيك أمري إن شاء الله تعالى فأنزل الله عز وجل وامرأة مؤمنة الآية قال فأحل الله عز وجل هبة المرأة نفسها لرسول الله صلى الله عليه وآله ولا يحل ذلك لغيره.
والقمي كان سبب نزولها إن امرأة من الأنصار أتت رسول الله صلى الله عليه وآله وقد تهيأت وتزينت فقالت يا رسول الله هل لك في حاجة وقد وهبت نفسي لك فقالت لها عائشة قبحك الله ما أنهمك للرجال فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله مه يا عائشة فإنها رغبت في رسول الله صلى الله عليه وآله إذ زهدتن فيه ثم قال رحمك الله ورحمكم يا معاشر الأنصار ينصرني رجالكم وترغب فيّ نساؤكم إرجعي رحمك الله فإني أنتظر أمر الله عز وجل فأنزل الله تعالى وامرئة مؤمنة الآية فلا تحل الهبة إلا لرسول الله صلى الله عليه وآله.
وفي المجمع قيل انها لما وهبت نفسها للنبي قالت عائشة ما بال النساء يبذلن أنفسهن بلا مهر فنزلت الآية فقالت عائشة ما أرى الله تعالى إلا يسارع في هواك فقال


(197)

رسول الله صلى الله عليه وآله وإنك إن أطعت الله سارع في هواك.
وفي الخصال عن الصادق عليه السلام قال تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله بخمس عشر امرأة ودخل بثلاث عشرة منهن وقبض عن تسع فأما اللتان لم يدخل بهما فعمرة والسناة واما الثلاث عشرة اللواتي دخل بهن فأولهن خديجة بنت خويلد ثم سودة بنت زمعة ثم ام سلمة واسمها هند بنت أبي امية ثم ام عبد الله ثم عائشة بنت أبي بكر ثم حفصة بنت عمر ثم زينب بنت خزيمة بن الحارث ام المساكين ثم زينب بنت جحش ثم ام حبيب رملة بنت أبي سفيان ثم ميمونة بنت الحارث ثم زينب بنت عميس ثم جويرية بنت الحارث ثم صفية بنت حيّ بن أخطب واللاتي وهبت نفسها للنبي خولة بنت حكيم السلمي وكان له سريتان يقسم لهما مع أزواجه مارية القبطية وريحانة الخندقية والتسع اللواتي قبض عنهن عائشة وحفصة وام سلمة وزينب بنت جحش وميمونة بنت الحارث وام حبيب بنت أبي سفيان وصفية وجويرية وسودة وأفضلهن خديجة بنت خويلد ثم ام سلمة ثم ميمونة قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم من الشرائط والحصر في الأربع وما ملكت أيمانهم والجملة اعتراض لكيلا يكون عليك حرج أي خلص إحلالها لك لمعان تقتضي التوسيع عليك وكان الله غفورا لما يعسر التحرز عنه رحيما بالتوسعة في مظان الحرج.
(51) ترجى من تشاء منهن تؤخرها ولم تنكحها أو تطلقها وقرء بغير همز وتؤوي إليك من تشاء وتضم اليك وتمسك من تشاء.
في الكافي عن الصادق عليه السلام وفي المجمع عنهما عليهما السلام من آوى فقد نكح ومن أرجى فلم ينكح وفي رواية القمي ومن أرجى فقد طلق كما مرت ومن ابتغيت طلبت ممن عزلت فلا جناح عليك في شيء من ذلك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن ذلك التفويض إلى مشيتك أقرب إلى قرة عيونهن وقلة حزنهن ورضاهن جميعا لأنه حكم كلهن فيه سواء ثم إن سويت بينهن وجدن ذلك تفضلا منك وإن رجحت بعضهن علمن أنه بحكم الله فتطمئن نفوسهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما بذات الصدور حليما لا يعجل بالعقوبة


(198)

فهو حقيق بأن يتقى.
(52) لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج من مزيدة لتأكيد الأستغراق ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا قيل المعنى لا يحل لك النساء من بعد الأجناس المذكورة اللاتي نص على احلالهن لك ولا أن تبدل بهن أزواجا من أجناس اخر وقيل معناه لا يحل لك النساء من بعد نسائك اللاتي خيرتهن فاخترن الله ورسوله وهن التسع مكافأة لهن على إختيارهن الله ورسوله.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال إنما عني به لا يحل لك النساء اللاتي حرم الله عليك في هذه الآية حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم إلى آخرها ولو كان الأمر كما يقولون كان قد أحل لكم ما لم يحل له لأن أحدكم يستبدل كلما أراد ولكن الأمر ليس كما يقولون إن الله عز وجل أحل لنبيه صلى الله عليه وآله أن ينكح من النساء ما أراد إلا ما حرم في هذه الآية في سورة النساء.
ومثله عن الصادق عليه السلام في عدة روايات وفي بعضها أراكم وأنتم تزعمون أنه يحل لكم ما لم يحل لرسول الله صلى الله عليه وآله وفي بعضها أحاديث آل محمد صلوات الله عليهم خلاف أحاديث الناس.
والقمي لا تحل لك النساء من بعد ما حرم عليه في سورة النساء وقوله ولا أن تبدل بهن من أزواج معطوف على قصة إمرأة زيد ولو أعجبك حسنهن أي لا تحل لك امرأة رجل تتعرض لها حتى يطلقها وتزوجها أنت ولا تفعل هذا الفعل بعد.
أقول : وهذه الأخبار كما ترى وكذا ما قاله.
القمي رزقنا الله فهمها وقيل هذه الآية منسوخة بقوله ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء فإنه وإن تقدمها قراءة فهو مسبوق بها نزولا.
(53) يا ايها الذين امنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام تدعون إليه غير ناظرين إناه غير منتظرين وقته أو إدراكه من أنى الطعام إذا أدرك ولكن


(199)

إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا تفرقوا ولا تمكثوا ولا مستانسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي لتضيق المنزل عليه وعلى أهله واشتغاله بما لا يعنيه فيستحيي منكم من إخراجكم والله لا يستحي من الحق فيأمركم بالخروج وإذا سئلتموهن متاعا شيئا ينتفع به فاسئلوهن المتاع من وراء حجاب الستر.
القمي لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله بزينب بنت جحش وكان يحبها فأولم ودعا أصحابه وكان أصحابه إذا أكلوا يحبون أن يتحدثوا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وكان يحب أن يخلو مع زينب فأنزل الله عز وجل يا ايها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم الى قوله من وراء حجاب وذلك أنهم كانوا يدخلون بلا إذن.
وفي العلل عن الصادق عليه السلام قال كان جبرئيل إذا أتى النبي قعد بين يديه قعدة العبد وكان لا يدخل حتى يستأذنه ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن من الخواطر الشيطانية (1) وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله صلى الله عليه وآله أن تفعلوا ما يكرهه ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا من بعد وفاته أو فراقه إن ذلكم كان عند الله عظيما ذنبا عظيما.
(54) إن تبدوا شيئا كنكاحهن على ألسنتكم أو تخفوه في صدوركم فإن الله كان بكل شيء عليما فيعلم ذلك فيجازيكم به القمي كان سبب نزولها أنه لما أنزل الله النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وحرم الله نساء النبي صلى الله عليه وآله على المسلمين غضب طلحة فقال يحرم محمد علينا نساءه ويتزوج هو بنسائنا لئن أمات الله محمدا لنركضن بين خلاخيل نسائه كما ركض بين خلاخيل نسائنا فأنزل الله عز وجل وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله الآية.
أقول : وهذا الحكم يشمل اللواتي لم يدخل بهن.
ففي الكافي عن الحسن البصري أن رسول الله صلى الله عليه وآله تزوج إمرأة من بني عامر بن صعصعة يقال لها سناة وكانت من أجمل أهل زمانها فلما نظرت إليها
____________
(1) اي ليس لكم ايذاء رسول الله صلى الله عليه وآله بمخالفة ما أمر به في نسائه ولا في شيء من الأشياء.


(200)

عائشة وحفصة قالت لتغلبنا هذه على رسول الله صلى الله عليه وآله بجمالها فقالتا لها لا يرى منك رسول الله صلى الله عليه وآله حرصا فلما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله تناولها بيده فقالت أعوذ بالله فانقبضت يد رسول الله صلى الله عليه وآله عنها وطلقها وألحقها بأهلها وتزوج رسول الله صلى الله عليه وآله امرأة من كندة بنت أبي الجون فلما مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله ابن مارية القبطية قالت لو كان نبيا ما مات ابنه فألحقها رسول الله صلى الله عليه وآله بأهلها قبل أن يدخل بها فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وولى الناس أبو بكر أتته العامرية والكندية وقد خطبتا فاجتمع أبو بكر وعمر وقالا لهما اختارا إن شيءتما الحجاب وإن شيءتما الباه فاختارتا الباه فتزوجتا فجذم أحد الزوجين وجن الاخر وقال الراوي فحدثت بهذا الحديث زرارة والفضيل فرويا عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال ما نهى الله عز وجل عن شيء إلا وقد عصي فيه حتى لقد أنكحوا أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله من بعده وذكر هاتين العامرية والكندية ثم قال لو سئلتهم عن رجل تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها أتحل لأبنه لقالوا لا فرسول الله أعظم حرمة من آبائهم وفي المناقب رواية بأن هذا الحكم يجري في الوصي أيضا.
وفي الكافي مرفوعا إليهم عليهم السلام في قول الله عز وجل وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله قالوا في علي والأئمة عليهم السلام كالذين آذوا موسى عليه السلام فبرأه الله مما قالوا.
(55) لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن استثناء لمن لا يجب الأحتجاب عنهم روي أنه لما نزلت آية الحجاب قال الاباء والأبناء والأقارب يا رسول الله أو نكلمهن أيضا من وراء حجاب فنزلت ولا نسآئهن يعني النساء المؤمنات ولا ما ملكت أيمانهن وقد مضى بيانه في سورة النور واتقين الله فيما أمرتن به إن الله كان على كل شيء شهيد الا يخفى عليه خافية.
(56) إن الله وملئكته يصلون على النبي يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما .