انطلق ليلة العاشر من شهر محرم الحرام 1436هـ وبعد صلاتي المغرب والعشاء موكبُ عزاء السادة الخدم، وعوائل السادة الخدم هم كلُّ مَنْ خَدَمَ العتبات المقدسة في كربلاء، أو كان أبوه أو جدُّه خادماً فيها طوال قرون ومن نسل الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله).
وجرت العادة أن تنطلق مواكبهم العزائية كلَّ عامٍ ليلة العاشر من محرم بزيِّهم التقليدي وعمائمهم الخضراء، ومعهم الخدم من غير السادة بعمائمهم الصفراء الملفوفة على الطربوش الأحمر، يتقدّمهم حملة الأعلام والصولجانات.
رئيس شعبة السادة الخدم في العتبة العباسية المقدسة السيد مصطفى مرتضى ضياء الدين تحدّث لشبكة الكفيل العالمية عن هذا الموكب قائلاً: "لم يدوّن المؤرّخون في كتبهم عن عزاء السادة الخدم لحدّ الآن، إلّا أنّ كبار السنّ من أبناء مدينة كربلاء المعمّرين لا زالوا يذكرون بأنّ عزاء السادة الخدم قد أُسّس بعد قيام الدولة العراقية عام (1921م)، واستُمِرّ بتوسيعه وتحسينه والرقيّ به لما يُناسب القضية التي يخرج من أجلها عاماً بعد عام حتى منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي".
وأضاف: "تولّى مسؤولية الاهتمام والرعاية لهذا العزاء في بداية تأسيسه سادنُ الروضة الحسينية المقدسة السيد عبد الصالح آل طعمة وسادنُ الروضة العباسية المقدسة السيد محمد حسن آل ضياء الدين (آغا حسن), حيث رعى هذان السيدان الفاضلان(رحمهما الله) ذلك العزاء المبارك من خلال متابعتهما لأموره واحتياجاته وحثّ السادة الخدم للمشاركة فيه، كما أنّهما -رحمهما الله- قاما بدعوة أبناء الأسر العلوية من خدمة الروضتين الحسينية والعباسية المقدستين والأسر غير العلوية التي كانت تخدم المرقدين أيضاً بالإضافة إلى العوائل العلمية في المدينة المقدسة والشخصيات وشيوخ العشائر للمشاركة في هذا العزاء المبارك، حيث كان هذا العزاء يخرج ليلة العاشر من محرم الحرام وقد لبّى النداء جميعُ العوائل التي ذُكرت، وكان لهذا الموكب أثرٌ بالغ في نفوس أهالي المدينة الكرام لما فيه من هيبة وخشوع في أداء الشعيرة".
مُبيّناً: "يوم العاشر من محرم الحرام وبعد انتهاء ذكر المصيبة العظيمة (مقتل الإمام الحسين "عليه السلام") يخرج هذا العزاء مرةً ثانيةً الى مخيم الإمام الحسين(عليه السلام) لمواساة عمّتهم زينب الكبرى(عليها السلام) وعائلة الإمام الحسين(عليه السلام)".
موضّحاً: "مُنِعَ هذا العزاء مع باقي الشعائر الحسينية الأخرى من قبل النظام البائد، وظلّ المنعُ سارياً حتى سقوط اللانظام عام (2003م) فعاد العزاء المبارك الى ما كان عليه سابقاً، حيث ينطلق العزاء في ليلة العاشر من محرم الحرام وهو يضمّ أبناء عوائل السادة الخدم الذين خَدَموا المرقدين المقدسين وأحفادهم الذين يعملون الآن بهذه الخدمة المباركة في العتبة الحسينية المقدسة والعتبة العباسية المقدسة بمشاركة كبيرة".
وأكّد السيد ضياء الدين: "وقد استُحدِث على هذا العزاء المبارك أمرٌ آخر من قبل أحفاد خَدَمَة العتبتين المقدستين بعد سقوط اللانظام في يوم الحادي عشر من محرّم الحرام، وهو خروج عزاءٍ مهيب من مدينـة كربلاء المقدسة يذهب الى مدينة جدّهم الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) النجف الأشرف لمواساته بمصيبة ولده سيد الشهداء الإمام الحسين(عليه السلام) وأهل بيته الأطهار، ويكون في استقبال هذا العزاء ممثّلين عن مكاتب مراجع الدين العظام(دام ظلّهم الوارف) وإدارة العتبة العلوية المقدسة وأهالي مدينة النجف الأشرف، وهذا كلّه من فضل الباري سبحانه وتعالى ودعم المرجعية الدينية العليا".
وأضاف: "إنّ كلّ الرواديد والقرّاء في موكب عزاء السادة الخدم هم من أبناء السادة العلويّين خَدَمَة العتبتين المقدّستين".
ومن الجدير بالذكر فقد دخل موكب عزاء السادة الخدم إلى صحن أبي الفضل العباس(عليه السلام) من جهة باب القبلة، وحين وصولهم توقّف الموكب لأداء التحية وتجديد البيعة بأن يبقوا خَدَماً أوفياء للمراقد المقدسة وزائريها الكرام، بعدها انطلق الموكب باتجاه قبلة الأحرار وكعبة الثوّار أبي عبدالله الحسين(عليه السلام) ليختموا عزاءهم هناك في صحنه الطاهر.