العمل وحقوق العامل في الاسلام ::: 31 ـ 45
(31)
    ونحن نؤمن بأن الاسلام انما غزي من جانب المعارف وانطلقت الحربة الاولى التي طعن بها الاسلام من المعاهد والمدارس ولا يمكن بأي حال من الاحوال أن يقضى على الداء إلا من تلك الزاوية ، فاذا أراد المسلمون أن يعيدوا للاسلام مكانته عليهم أن يهتموا قبل كل شيء بمعاهد التعليم ليدرس بها الاسلام على حقيقته النازلة من رب العالمين ، ولتفتح أعين الناشئة على ما فيه من الطاقات الندية التي عالجت جميع مشاكل الحياة.
    لقد وضعت المعارف الدروس الدينية في سلة المهملات فلم ندرس منه إلا دروساً باهتة لا تنفع ولا تجدي في تهذيب الطالب وتغذية مشاعره بالروح الدينية ، كما انها في نفس الوقت لم تعرها أي اهتمام في مقام الامتحانات العامة الامر الذي أوجب انصرافهم واعراضهم عنه حتى لم تكن تساير الطالب في جميع مراحل دراسته.
    إن الحكومات الاسلامية مدعوة الى إصلاح المناهج الدراسية ووضعها على أساس إسلامي سليم لتحفظ بذلك كيان الاسلام وأبناء المسلمين.
    (ه‍) نشر التسيب والميوعة
    وعمد المستعمرن إلى إفساد المسلمين حيث غمروا أرضهم


(32)
بالمغريات وملأوها بالدعارة والمجون ، وفتحوا باب الفساد على مصراعيه وذلك بما نشروه من الصور الخلاعية في دور السينما والملاهي القذرة الداعية الى نشر الميوعة والتسيب في نفوس الشباب.
    لقد وجه المستعمرون جميع جهودهم الى تدمير المسلمين وانتزاع الوعي والاسلامي من نفوسهم والارادة الصلبة من قلوبهم ليذهل المسلمون عن معالي الامور ، فلا يطالبوا باستقلال بلادهم ولا يفكروا في طرد الاجنبي عنهم.
    إن الاستعمار عمد الى اقبار الافكار الاصيلة التي جاء بها الاسلام ، واقصاء المثل الدينية العليا عن المجتمع الاسلامي ، وذلك بما عمله من الوسائل الداعية الى فساد الاخلاق ، وترهل النفوس فقد عمد الى عرض صور الدعارة والمجون في الصحف والمجلات وأجهزة التلفزيون بدل أن تكون مثل هذه الاجهزة أداة نافعة لنشر الثقافة المهذبة والعلوم النافعة والتربية الصحيحة وكان الهدف من أعمالهم تلك هو اشغال المسلمين والشباب منهم خاصة عن الاهداف الاساسية التي دعا اليها الاسلام.
    (و) نشر الفقر
    ونشر المستعمرون الفقر في بلاد المسلمين ، ونهبوا ثرواتهم


(33)
وامتصوا دماءهم ، واستغلوا خيراتهم ، ومنحوا الشركات الاحتكارية لاذنابهم وعملائهم ، حتى عمت الفاقة والحرمان وانتشرت البطالة ، وتكدست الاموال وتضخمت النقود عند طبقة خاصة قد اتخمت بطونها بالطعام الحرام وتلوثت ضمائرها بجرائيم الفسق والفجور ، لا عطف ولا رأفة ولا رقة عندها على البائس والمحروم قد استحالت أفكارها الى هياكل ميتة.
    هذه بعض متارك الاستعمار في الوطن الاسلامي ، ولولا فيض عارم في مبادئ الاسلام وعناية به قبل كل شيء من الخالق الحكيم للف لواؤه ، ولم يبق له عين ولا أثر ، فعلى المسلمين أن يتفهموا أن لا حياة لهم مع بقاء الاستعمار في بلادهم فانه هو العدو الغادر الذي يمكر بهم في الليل اذا يخشى وفي النهار اذا تجلّى.
    على المسلمين أن يلتفتوا الى واقعهم المرير فيتفهموا دينهم ويربطوا نهضتهم الاجتماعية ، وتطورهم السياسي والاقتصادي بتعاليم الاسلام وأحكامه ليسيروا على ضوئه ويهتدوا بهداه.
    إن على رجال الفكر والمسؤولين من أبناء الاسلام أن يقوموا في مثل هذه المرحلة الحاسمة من تأريحهم بنشر الدين على حقيقته ، وأن يسهروا على افهام المسلمين بأن دينهم قد


(34)
تناول جميع مشاكل حياتهم ، وليس هو علقة بين الانسان وربه كما يتهمه بذلك خصومه وأعداؤه ، بل هو أرفع وأسمى من أن يكون مجرد علاقة أو يكون مقتصراً على بعض الطقوس الدينية ، فان له آراؤه الحاسمة في عالم السياسة ، والاجتماع والتجارة والاقتصاد ، وغير ذلك مما يحتاج اليه الناس ، فليس هو نظاماً روحياً فحسب فقد أترع بما يعود لاصلاح الحياة من ناحية المادة ، فقد حرم الربا ، وحرم كنز الأموال ، وحارب البطالة ، ونهى عن اقراض المال بفائدة ، ودعا الى استغلال ثروة الأرض ووضع الخطوط الرئيسية لمعائش الناس ، وبعد هذا فكيف يكون الاسلام مجرد دعوة روحية تسوق الناس الى الزهد ورفض العمل ؟ ؟
    إن القوى الكافرة وجدت فراغاً عقائدياً في نفوس المسلمين ووجدت آذاناً صاغية لكل ما تلفقه من الاباطيل فراحت تشيع في الاوساط هذه الاكاذيب ، وتلصق بالاسلام هذه الاتهامات التي هو بريء منها.
    إن الواقع الذي يعيشه المسلمون اليوم في حياتهم بعيد كل البعد عن روح الاسلام ، فتسيب في الاخلاق ، وميوعة في النفوس واستهتار بالقيم والمثل الى غير ذلك من ألوان


(35)
التأخر والانحطاط الامر الذي يدعو الى ضرورة العمل الجدي للقضاء على الرواسب السيئة التي خلفها المستعمرون في بلادنا وانقاذ المسلمين مما هم فيه من الانحراف عن جادة العدل وطريق الصواب.
    إن المسلمين جميعاً مدعوون الى مكافحة القوى المعادية لهم بكل اشكالها وألوانها وباي اسم تسترت فقد جاء في الحديث الشريف « كلكم مسؤول عن رعيته » فالجميع مسؤولون عن رعاية الاسلام والحفاظ عليه ، وان الذي يتخلى عن القيام بالواجب أو يقصر في أدائه ، ولايهمه ما مني به الاسلام من الاخطار والنكبات ، فانما هو مقصر في حق دينه وأمته ، ومسؤول أمام اللّه عن تخلفه عن أداء الواجب.
    والمسؤولية الكبرى تقع على الحكومات الاسلامية القائمة في البلاد فهي مسؤولة قبل غيرها عن صيانة الاسلام وحمايته ، والقضاء على العناصر المعادية له ونحن على ثقة انها إن التزمت جانب الاسلام ، وعملت على اعلاء كلمة التوحيد ، وقاها اللّه من المكاره ، وجعل لها النصر حليفاً والظفر اليفا ، ( إن تنصروا اللّه ينصركم ويثبت أقدامكم ان وعد اللّه حق ، وان اللّه لا يخلف الميعاد ).


(36)
    وبالعكس من ذلك اذا انحرفت عن الاهداف النيرة للتشريع الاسلامي فسوف تصطدم بالامة في عقيدتها وفي أهدافها مما يضعف شوكتها أو يسبب زوالها وانهيارها. (4)
    وكانت البساطة في العيش سائدة في العصور الاسلامية الاولى ، والقناعة ماثلة في حياة المسلمين ، والروح التعاونية موجودة باسمى معانيها في الحياة العامة ، فقد عقد المسلمون أواصر الاخوة فيما بينهم ، واشتركوا في السراء والضراء ، وبهذا الوعي الاسلامي الاصيل القائم في عواطفهم ومشاعرهم تمكنوا على نشر الاسلام وبسط تعاليمه في أنحاء المعمورة.
    لقد غرس الاسلام في نفوس المسلمين روح المودة والتعاون على البر والتقوى وألف ما بين قلوبهم ، وجعلهم إخواناً في اللّه قال اللّه تعالى : « إنما المؤمنون إخوة » وقال (ص) « مثل المؤمنين في توادهم ورحمتهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالحمى والسهر ».
    وإذا انتشرت الاخوة ، وساد الحب وعمت المودة بين أفراد المجتمع فانهم حتماً سيشتركون في مآسي الحياة وأحزانها ومسراتها ويعطف بعضهم على بعض ، وبذلك ينعدم ظل البؤس


(37)
ويقضى على شبح الفقر والحرمان والتفرق.
    وكان الود سائداً بين المسلمين قد أترعت نفوسهم بالرحمة والعطف على الفقير والمحروم ولكن بعد ما لعب الاستعمار لعبته الكبرى في القضاء على كيان المسلمين ، ومحاربته لمثلهم ، وافساده لشؤونهم ، تغيرت الاوضاع وانقلبت المفاهيم واسودت القلوب ، فتنكر المسلمون لكل ما أمر به دينهم وانحرفوا عن المبادئ الاصيلة التي جاء بها الاسلام ، ومن أظهر ألوان ذلك الانحراف ، فقدان التآلف ، وانعدام التعاون ، وذهاب الرحمة من القلوب ، فقد أصبحت الطبقة الثرية مشغولة بتكديس الاموال ، وجمع الثراء بالطرق الملتوية ، وعدم مساهتمها في تحسين الحالة الاقتصادية للفقراء والضعفاء وامتناعها من أداء الحقوق المفروضة عليها ، الامر الذي أدى الى بغض الفقراء لها وحب الانتقام منها ، ومساندتهم للحركات الهدامة التي لا تبقى ظلا لثرائهم ونعيمهم وبالتالي تقضي على راحة الجميع وسعادته.
    لقد أترعت نفوس الأثرياء بالجشع والطمع والتهالك على الاحتكار ، والتفنن في الملذات والشهوات ، وهم لا يمدون يد المعونة الى اخوانهم الذين لسعهم الحرمان ونهشهم الجوع ، وقد أدت هذه الاوضاع المؤلمة التي سادت في البلاد الى حدوث


(38)
الاضطراب والقلق في المحيط الاقتصادي والاجتماعي وتأرجح سفينة المجتمع بين أفكار متضاربة تنذره بالدمار والشر المستطير.
    لقد أصبحت الحياة في هذا العصر مفتقرة الى الأسباب الكمالية كافتقارها الى الأسباب الضرورية وأصبحت الاسواق المحلية تزخر بأفخر أنواع المتع والملاذ ، ولا نصيب للفقير منها سوى النظر اليها مشفوعاً بالحسرات والآلام.
    وكان من الطبيعي أن يترك ذلك الحرمان حقداً بالغاً في نفوس المحرومين على أولئك المترهلين من الاغنياء الذين لا هم لهم إلا اشباع رغباتهم وشهواتهم ولا يهمهم ما مني به الفقراء من البؤس.
    إن الواجب على الطبقة الثرية أن تلتفت الى واقع نفسها وتعي ما حف بها من الاخطار التي تهدد كيانها وكيان المجتمع عامة في الجانب الاقتصادي فتوجه جهدها الى أعمال البر والخير وتقوم بالمعونات الاجتماعية ، وتؤدي من أموالها ما فرضه اللّه عليها لتنقذ نفسها من العنت والخطر والارهاق ، وبالتالي تنقذ مجتمعها من الانهيار.
    انه من الواضح أن لا موطن للافكار المستوردة ، ولا مجال لدعايات المخربين والفوضويين إلا في البلاد التي انعدم


(39)
فيها الوعي وعم البؤس ، وانتشر فيها الظلم الاجتماعي فيها تنتعش الأفكار الدخيلة المعادية لتربة الوطن ، وأما البلاد التي تسودها العدالة الاجتماعية ويعمها الخير ، فلا تمر بها الشرور ولا تثمر فيها أعمال المخربين.
    إن هذه الموجات الالحادية التي غزت البلاد كانت ناشئة من عدم قيام المسؤولين بواجباتهم واهمالهم للمصالح العامة وانحرافهم عن مبادئ الاسلام وأهدافه العظيمة الأمر الذي أدى الى انتشار تلك المبادئ الهزيلة في بلاد المسلمين فعلى المسؤولين أن ينقذوا المسلمين منها ويعملوا على تطوير البلاد اقتصادياً وإنعاش المواطنين والترفيه عليهم وزيادة الدخل الفردي ، وأهم ما تعمله الترفيه على العمال ، واحلالهم بالكرامة والعزة الاجتماعية التي يريدها الاسلام لهم فانهم الدعامة الأولى التي يستعان بها في ميدان الانتاج والعمود الفقري للمجتمع وقد أصبحوا الهدف للغزاة فأخذوا يقدمون لهم الوعود المعسولة ويمنونهم بتسلم الحكم مرة وبالظفر بخيرات البلاد تارة أخرى ، والغرض من ذلك أن يجعلوهم كبش الفداء في سبيل تحقيق أطماعهم وأهدافهم المعادية للإنسانية والاسلام.
    إن الأيدي العاملة تمثل الأكثرية الساحقة في البلاد وقد


(40)
وجهت الشيوعية والمبادئ الهزيلة الأخرى جميع جهودها لاستغلالها وكسبها نظراً لما تتمتع به من البساطة والسذاجة وعدم اطلاعها على أكاذيبهم وأضاليلهم. (5)
    وكنت قد نشرت فصولاً في نشرة « الاضواء » الزاهرة عن حقوق العامل في الاسلام ، وكانت بحوثاً موجزة ومواضيع بسيطة غير وافية بالموضوع ولا ملمة به إلا أنه تسابق فريق من الشباب الى مراجعتها والاطلاع عليها كما ترجمت بعض فصولها الى اللغة الايرانية ، ونشرت في بعض صحف طهران (1) وقد دل ذلك على مدى الشوق الكامن في نفوس المسلمين الى الوقوف على معالجة الاسلام لهذه النقطة الحساسة التي أصبحت من أهم المشاكل العامة في العصر الحديث ، فقد عانى العمال في ظل الأنظمة القائمة ألواناً من الخطوب ، وأنواعاً من المصاعب ففي ظل النظام الرأسمالي قد استغلت جهودهم وامتصت دماءهم الشركات الاحتكارية وقوبلوا بالاضطهاد والحرمان ، وأما في ظل النظام الشيوعي ، فقد وقع العمال فيه فريسة لنظام حكومي
1 ـ نشرتها جريدة ( الوظيفة ).

(41)
هو أبعد ما يكون عن النظم الانسانية السامية ، فانه نظام ديكتاتوري تتمثل فيه القسوة والعذاب ، وتلغى فيه شخصية العامل ، ويغدو مجرد آلة دقيقة تعمل في كيان كبير وليس ثمة في وسعه أن يقول أو يطالب بحقوقه العادلة.
    وظلت الطبقة العامة تعاني في ظل هذين النظامين من ويلات الاستعباد والاستغلال ما يفوق الوصف دون أن تصل الى شيء من حقوقها رغم أن مجهودها هو الأساس المركزي الذي تبتني عليه المدنية والحضارة.
    وهكذا الحال في المبادئ الأخرى الملفقة من هذين النظامين والتي لم تكن لها فلسفة محددة وواضحة يقول ( الآن تدرز ـ و ـ رينا هسندن ) في كتابهما إشتراكية القرن العشرين فالنظريون لا يزالون يستخدمون مصوراً جغرافياً فات أوانه والتجريبيون لم يعودوا يملكون ( بوصلة ) ترشدهم سواء السبيل إن كليهما يكابد من انهيار فكرة النظامين المطبوعين على التناقض ومن عدم وجود أي بديل فلسفي يلائم روح منتصف القرن العشرين (1).
1 ـ راجع كتاب اشتراكية القرن العشرين ترجمة محمود فتحي عمر.

(42)
    وكان من الطبيعي بعد افلاس تلك الأنظمة وانهيارها وعدم استطاعتها على منح العامل حقوقه الكاملة ، وعدم ضمانها لما يبتغيه من الرفاهية والكرامة ، أن تتوق النفوس الى الاطلاع على نظر الاسلام تجاه العمال ومدى معالجته لمشاكلهم ، ومعرفة الحقوق التي منحها لهم ، إن الاسلام شرع لهم من الحقوق العادلة على رب العمل وسن لهم الضمان الاجتماعي ، والتكافل الاجتماعي فيما اذا لم تف أجورهم بما يحتاجون اليه. وهي توفر لهم العيش الرغيد وتزيل عنهم كابوس الفقر ولا تبقي أي ظل للبؤس في حياتهم.
    ومرت على المجتمع أحداث رهيبة وموجات عارمة وكان أشدها خطراً وأعظمها محنة وبلاء حينما رفع الشيوعيون شعاراتهم وهي تدعو الى أن « المعمل ملك للعامل » وان « الأرض ملك للفلاح » وقد رسموا هذه الشعارات على الجدران في الأزقة والشوارع ، وقد استجاب لهذه الدعايات المضللة جمهور من الناس في طليعتهم السذج من العمال ، والبسطاء من الفلاحين ، والمغرر بهم من التلاميذ والأحداث الذين تلونهم الدعاية حيث شاءت ، وأنا على ثقة انهم لا يعرفون التكتيك الشيوعي ، ولا يعلمون مدى ما يتذرع به من الخداع والاضاليل.


(43)
    إن هذه الشعارات التي رفعوها لا تمت الى واقع الشيوعية بصلة ، ولا تلتقي معها بطريق فان ( المعمل ملك الدولة ) « والأرض ملك الدولة » والفرد قن مستعبد وملك للمعمل وملك للارض لا يملك من أمره قليلاً ولا كثيراً وليس له إلا الخضوع والانصياع للاوامر التي يتلقاها من الحزب ، فان فاه بالمعارضة ، أو أبدى التذمر فساحة الاعدام ، ولغة الحبل هي التي تواجهه بعد ما ينعت بالتآمر ، ويوصف بالقذارة.
    ولكن سرعان ما انهار كيانهم ، وتحطمت دعاياتهم وظهرت حقيقتهم واضحة لا لبس فيها ، ولا غموض ولم يسر في ركابهم إلا من تنكر لدينه ووطنه.
    وها نحن نقدم الى القراء دراسة عن العمل ، وما جاء في تحديده وتعريفه في اللغة ، وفي علم الاقتصاد ، كما بينا النظرية الماركسية في تحديد العمل للقيمة ، وذكرنا ما يرد عليها من النقوض والاشكالات ، وعرضنا بعد ذلك رأي الاسلام الناصع عن العمل وما له من الأهمية البالغة عنده وبينا عرضاً موجزاً لأنواعه التي ذكرتها كتب الفقه الاسلامي ، وبعد ذلك ذكرنا حالة العامل في ظل النظامين الرأسمالي ، والشيوعي كما بسطنا الكلام في بيان الحقوق الوافرة التي منحها الاسلام للعمال


(44)
وينبغي ونحن في نهاية التمهيد أن نلفت نظر القارئ الكريم الى أن التشريع الاسلامي كل لا يتجزأ أو وحدة كاملة لا تتبعض فما لم يتحقق كاملاً لا يمكن لنا أن نحقق الازدهار المنشود كما لا يمكن لنا بحال أن نحمل بعض التشريعات على الدين الاسلامي اذا اتفقت معه في بعض الجهات البسيطة واصطدمت معه في النقاط المهمة. وقد توخينا في بحثنا هذا الوصول الى الواقع وخدمة المجتمع ، وقد بحثت عن ذلك كله ببحث حر جهد ما توصل اليه تتبعي راجياً من العلي القدير أن يثيبنا على ذلك أنه تعالى ولي التوفيق.
المؤلف


(45)
العمل وحقوق العامل في الاسلام ::: فهرس