يريدون إلا فرارا وهم الذين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله تأذن لنا نرجع إلى منازلنا فإنها في أطراف المدينة ونخاف اليهود عليها فأنزل الله فيهم إن بيوتنا عورة إلى قوله وكان ذلك على الله يسيرا ونزلت هذه الآية في الثاني لما قال لعبد الرحمان بن عوف هلم ندفع محمد صلى الله عليه وآله إلى قريش فنلحق نحن بقومنا.
(21) لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة في أفعاله وأخلاقه كثباته في الحرب ومقاساته للشدائد وغير ذلك وقرء بضم الهمزة لمن كان يرجوا الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا قرن بالرجاء كثرة الذكر المؤدية إلى ملازمة الطاعة فإن المؤتسى بالرسول من كان كذلك.
(22) ولما راى المؤمنون الاحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله
القمي وصف الله المؤمنين المصدقين بما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وآله ما يصيبهم في الخندق من الجهد وما زادهم قال يعني ذلك البلاء والجهد والخوف إلا إيمانا وتسليما
روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال سيشتد الأمر باجتماع الأحزاب عليكم والعاقبة لكم عليهم وقال إنهم سائرون اليكم بعد تسع أو عشر.
(23) من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وفوا بعهدهم فمنهم من قضى نحبه نذره والنحب النذر استعير للموت لأنه كنذر لازم في الرقبة ومنهم من ينتظر الشهادة وما بدلوا العهد ولا غيروه تبديلا شيئا من التبديل فيه تعريض لأهل النفاق ومرض القلب بالتبديل.
القمي عن الباقر عليه السلام في قوله تعالى رجال صدقوا قواما عاهدوا الله عليه قال الا يفروا أبدا فمنهم من قضى نحبه أي أجله وهو حمزة وجعفر بن أبي طالب ومنهم من ينتظر أجله يعني عليا عليه السلام.
وفي الخصال عنه عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث له مع


(181)

يهودي قال قال ولقد كنت عاهدت الله تعالى ورسوله أنا وعمي حمزة وأخي جعفر وابن عمي عبيدة على أمر وفينا به لله تعالى ولرسوله فتقدمني أصحابي وتخلفت بعدهم لما أراد الله تعالى فأنزل الله تعالى فينا من المؤمنين رجال صدقوا الآية.
وفي المجمع عن علي عليه السلام قال فينا نزلت رجال صدقوا قال فأنا والله المنتظر وما بدلت تبديلا.
وفي سعد السعود عن الباقر عليه السلام في قوله تعالى وكونوا مع الصادقين قال كونوا مع علي بن أبي طالب وآل محمد صلوات الله عليهم قال الله تعالى من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه وهو حمزة بن عبد المطلب ومنهم من ينتظر وهو علي عليه السلام يقول الله وما بدلوا تبديلا وفي المناقب أن أصحاب الحسين عليه السلام بكربلاء كانوا كل من أراد الخروج ودع الحسين عليه السلام وقال السلام عليك يا ابن رسول الله فيجيبه وعليك السلام ونحن خلفك ويقرء فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.
في الكافي عن الصادق عليه السلام المؤمن مؤمنان فمؤمن صدق بعهد الله ووفى بشرطه وذلك قول الله عز وجل رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وذلك الذي لا يصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الاخرة وذلك ممن يشفع ولا يشفع له ومؤمن كحامة الزرع يعوج أحيانا ويقوم أحيانا فذلك ممن يصيبه أهوال الدنيا وأهوال الاخرة وذلك ممن يشفع له ولا يشفع وعنه عليه السلام لقد ذكركم الله في كتابه فقال من المؤمنين رجال صدقوا الآية إنكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا وإنكم لما تبدلون بنا غيرنا.
وعنه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا علي من أحبك ثم مات فقد قضى نحبه ومن أحبك ولم يمت فهو ينتظر وما طلعت شمس ولا غربت إلا طلعت عليه برزق وايمان وفي نسخة نور.
(24) ليجزى الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين المبدلين إن شآء أو يتوب عليهم إن تابوا أو يوفقهم للتوبة إن الله كان غفورا رحيما لمن تاب.


(182)

(25) ورد الله الذين كفروا يعني الأحزاب بغيظهم متغيظين لم ينالوا خيرا غير ظافرين وكفى الله المؤمنين القتال
في المجمع عن الصادق عليه السلام بعلي بن أبي طالب عليه السلام وقتله عمرو بن عبد ود فكان ذلك سبب هزيمة القوم وكان الله قويا على إحداث ما يريده عزيزا غالبا على كل شيء.
(26) وأنزل الذين ظاهروهم ظاهروا الأحزاب القمي نزلت في بني قريظة من أهل الكتاب من صياصيهم من حصونهم وقذف في قلوبهم الرعب الخوف فريقا تقتلون وتأسرون فريقا
(27) وأورثكم أرضهم وديارهم مزارعهم وحصونهم وأموالهم نقودهم ومواشيهم وأثاثهم وأرضا لم تطؤها وكان الله على كل شيء قديرا ، القمي فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة واللواء معقود أراد أن يغتسل من الغبار فناداه جبرئيل عذيرك من محارب والله ما وضعت الملائكة لامتها فكيف تضع لامتك إن الله عز وجل يأمرك أن لا تصلي العصر إلا ببني قريظة فإني متقدمك ومزلزل بهم حصنهم إنّا كنا في آثار القوم نزجرهم زجرا حتى بلغوا حمراء الأسد فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله فاستقبله حارثة بن نعمان فقال له ما الخبر يا حارثة فقال بأبي أنت وأمي يا رسول الله هذا دحية الكلبي ينادي في الناس ألا لا يصلين العصر احد إلا في بني قريظة فقال ذاك جبرئيل ادعوا عليا عليه السلام فجاء أمير المؤمنين عليه السلام فقال له ناد في الناس لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة فجاء أمير المؤمنين عليه السلام فنادى فيهم فخرج الناس فبادروا إلى بني قريظة فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام بين يديه مع الرآية العظمى وكان حيّ بن أخطب لما انهزمت قريش جاء فدخل حصن بني قريظة فجاء أمير المؤمنين عليه السلام فأحاط بحصنهم فأشرف عليهم كعب بن اسيد من الحصن يشتمهم ويشتم رسول الله صلى الله عليه وآله فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله على حمار فاستقبله أمير المؤمنين عليه السلام فقال بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا تدن من الحصن فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا علي لعلهم شتموني إنهم لو رأوني لأذلهم الله ثم دنا رسول الله صلى الله عليه وآله من حصنهم فقال يا إخوة القردة


(183)

والخنازير وعبدة الطاغوت أتشتموني إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباحهم فأشرف عليهم كعب بن اسيد من الحصن فقال والله يا أبا القاسم ما كنت جهولاّ فاستحيى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى سقط الرداء من ظهره حياء مما قاله وكان حول الحصن نخل كثير فأشار إليه رسول الله بيده فتباعد عنه وتفرق في المفازة وأنزل رسول الله صلى الله عليه وآله العسكر حول حصنهم فحاصرهم ثلاثة أيام فلم يطلع أحد منهم رأسه فلما كان بعد ثلاثة أيام نزل إليه غزال بن شمول فقال يا محمد تعطينا ما أعطيت إخواننا من بني النضير أحقن دماءنا ونخلي لك البلاد وما فيها ولا نكتمك شيئا فقال لا أو تنزلون على حكمي فرجع وبقوا أياما فبكى النساء والصبيان إليهم وجزعوا جزعا شديدا فلما اشتد عليهم الحصار نزلوا على حكم رسول الله فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بالرجال فكتفوا وكانوا سبعمأة وأمر بالنساء فعزلوا وقامت الأوس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا يا رسول الله حلفاؤنا وموالينا من دون الناس نصرونا على الخروج في المواطن كلها وقد وهبت لعبد الله بن اُبي سبعمأة ذارع وثلاث مأة حاسر في صبيحة واحدة وليس نحن بأقل من عبد الله بن اُبي فلما أكثروا على رسول الله صلى الله عليه وآله قال لهم أما ترضون أن يكون الحكم فيهم إلى رجل منكم فقالوا بلى ومن هو قال سعد بن معاذ قالوا قد رضينا بحكمه فأتوا به في محفة (1) واجتمعت الأوس حوله يقولون له يا أبا عمرو اتق الله وأحسن في حلفائك ومواليك فقد نصرونا ببغاث والحدائق والمواطن كلها فلما أكثروا عليه قال لقد آن لسعد أن لا يأخذه في الله لومة لائم فقالت الأوس واقوماه ذهبت والله بنو قريظة اخر الدهر وبكى النساء والصبيان إلى سعد فلما سكتوا قال لهم سعد يا معشر اليهود أرضيتم بحكمي فيكم قالوا بلى قد رضينا بحكمك والله قد رجونا نصفك ومعروفك وحسن نظرك فعاد عليهم القول فقالوا بلى يا أبا عمرو فالتفت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله إجلالا له فقال له ما ترى بأبي أنت وأمي يا رسول الله فقال احكم فيهم يا سعد فقد رضيت بحكمك فيهم فقال قد حكمت يا رسول الله أن تقتل رجالهم وتسبى نساؤهم وذراريهم وتقسم
____________
(1) المحفة ـ بالكسر ـ : مركب للنساء كالهودج إلا أنها لا تقبب.


(184)

غنائمهم وأموالهم بين المهاجرين والأنصار فقام رسول الله صلى الله عليه وآله فقال قد حكمت بحكم الله عز وجل فوق سبعة أرقعة ثم انفجر جرح سعد بن معاذ فما زال ينزفه الدم حتى قضى وساقوا الاسارى إلى المدينة فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله باخدود فحفرت بالبقيع فلما أمسى أمر بإخراج رجل رجل فكان يضرب عنقه فقال حيّ بن أخطب لكعب بن اسيد ما ترى يصنع بهم فقال له ما يسؤك أما ترى الداعي لا يطلع والذي يذهب لا يرجع فعليكم بالصبر والثبات على دينكم فأخرج كعب ابن اسيد مجموعة يده إلى عنقه وكان جميلا وسيما فلما نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وآله قال له يا كعب أما نفعك وصية ابن الجواس الحبر الذكي الذي قدم عليكم من الشام فقال تركت الخمر والخمير وجئت إلى البؤس والتمور لنبي يبعث مخرجه بمكة ومهاجره في هذه البحيرة يجترني بالكسيرات والتميرات ويركب الحمار العري في عينيه حمرة وبين كتفيه خاتم النبوة يضع سيفه على عاتقه لا يبالي من لاقى منكم يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر فقال قد كان ذلك يا محمد ولولا أن اليهود يعيروني أني جزعت عند القتل لآمنت بك وصدقتك ولكني على دين اليهود عليه أحيي وعليه أموت فقال رسول الله صلى الله عليه وآله قدموه فاضربوا عنقه فضربت ثم قدم حيّ بن أخطب فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله يا فاسق كيف رأيت صنع الله بك فقال والله يا محمد ما ألوم نفسي في عداوتك ولقد قلقلت كل مقلقل وجهدت كل الجهد ولكن من يخذله الله يخذل ثم قال حين قدم للقتل لعمري ما لام ابن أخطب نفسه ولكنه من يخذله الله يخذل فقدم فضرب عنقه فقتلهم رسول الله صلى الله عليه وآله في البردين (1) بالغداة والعشي في ثلاثة أيام وكان يقول اسقوهم العذب وأطعموهم الطيب وأحسنوا اساراهم حتى قتلهم كلهم فأنزل الله عز وجل على رسوله فيهم وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم الآية أي من حصونهم.
(28) يا ايها النبي قل لازواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا السعة والتنعم فيها وزينتها وزخارفها فتعالين أمتعكن أعطكن المتعة وأسرحكن سراحا جميلا طلاقا من غير ضرار وبدعة برغبة.
____________
(1) الابردان : الغداة والعشي.


(185)

(29) وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الاخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما استحقر دونه الدنيا وزينتها.
القمي كان سبب نزولها أنه لما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله من غزوة خيبر وأصاب كنز آل أبي الحقيق قلن أزواجه أعطنا ما أصبت فقال لهن رسول الله صلى الله عليه وآله قسمته بين المسلمين على ما أمر الله عز وجل فغضبن من ذلك قلن لعلك ترى أنك إن طلقتنا أن لا نجد الأكفاء من قومنا يتزوجونا فأنف الله لرسوله فأمره أن يعتزلهن فاعتزلهن رسول الله صلى الله عليه وآله في مشربة أم إبراهيم تسعة وعشرين يوما حتى حضن وطهرن ثم أنزل الله عز وجل هذه الآية وهي آية التخيير فقامت ام سلمة أول من قامت فقالت قد اخترت الله ورسوله فقمن كلهن فعانقنه وقلن مثل ذلك فأنزل الله تعالى ترجى من تشاء منهن وتُؤوي إليك من تشاء الآية.
قال الصادق عليه السلام من آوى فقد نكح ومن أرجى فقد طلق فقوله عز وجل ترجى من تشاء منهن مع هذه الآية يا ايها النبي قل لازواجك الآية وقد أخرت عنها في التأليف.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام في عدة روايات أن زينب بنت جحش قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله لا تعدل وأنت نبي فقال تربت يداك إذا لم أعدل من يعدل قالت دعوت الله يا رسول الله لتقطع يداي فقال لا ولكن لتتربان فقالت إنك إن طلقتنا وجدنا في قومنا أكفاء فاحتبس الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وآله تسعا وعشرين ليلة قال فأنف الله لرسوله فأنزل الله عز وجل يا ايها النبي قل لازواجك الايتين فاخترن الله ورسوله ولم يكن شيء ولو اخترن أنفسهن لَبِنّ.
وعن الصادق عليه السلام أن زينب قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله لا تعدل وأنت رسول الله وقالت حفصة إن طلقتنا وجدنا أكفاءنا من قومنا فاحتبس الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وآله عشرين يوما قال فأنف الله لرسوله فأنزل يا ايها النبي قل لازواجك الايتين قال فاخترن الله ورسوله ولو اخترن انفسهن لَبِنّ وإن اخترن


(186)

الله ورسوله فليس بشيء.
وعنه عليه السلام أن بعض نساء النبي صلى الله عليه وآله قالت أيرى محمد صلى الله عليه وآله أنه لو طلقنا ان لا نجد الأكفاء من قومنا قال فغضب الله عز وجل له من فوق سبع سموات فأمره فخيرهن حتى انتهى إلى زينب بنت جحش فقامت فقبلته وقالت أختار الله ورسوله.
وعنه عليه السلام أنه سئل عن رجل خيّر امرأته فاختارت نفسها بانت قال لا إنما هذا شيء كان لرسول الله صلى الله عليه وآله خاصة امر بذلك ففعل ولو اخترن أنفسهن لطلقهن وهو قول الله تعالى قل لازواجك إن كنتن الآية.
(30) يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة ظاهر قبحها يضاعف لها العذاب ضعفين ضعفي عذاب غيرهن أي مثليه لأن الذنب منهن أقبح وقرء يضعف بتشديد العين وبالنون ونصب العذاب وكان ذلك على الله يسيرا لا يمنعه عن التضعيف كونهن نساء النبي وكيف وهو سببه.
القمي عن الصادق عليه السلام قال الفاحشة الخروج بالسيف.
(31) ومن يقنت منكن ومن يدم على الطاعة لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين مرة على الطاعة ومرة على طلبهن رضاء النبي صلى الله عليه وآله بالقناعة وحسن المعاشرة وغير ذلك وقرء نعمل ونؤتها بالنون فيهما وأعتدنا لها رزقا كريما في الجنة زيادة على أجرها.
القمي عن الباقر عليه السلام قال كل ذلك في الاخرة حيث يكون الأجر يكون العذاب.
(32) يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن الله فلا تخضعن بالقول قيل فلا تجبن بقولكن خاضعا لينا مثل قول المريبات فيطمع الذي في قلبه مرض فجور وقلن قولا معروفا حسنا بعيدا عن الريبة.
(33) وقرن في بيوتكن من الوقار أو القرار وقرء بفتح القاف ولا تَبَرّجن تبرج


(187)

الجاهلية الاولى
في الأكمال عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث أن يوشع ابن نون وصي موسى عليه السلام عاش بعد موسى ثلاثين سنة وخرجت عليه صفراء بنت شعيب زوجة موسى عليه السلام فقالت أنا أحق منك بالأمر فقاتلها فقتل مقاتلتها وأحسن أسرها وأن ابنة أبي بكر ستخرج على علي في كذا وكذا ألفا من امتي فيقاتلها فيقتل مقاتلتها ويأسرها فيحسن أسرها وفيها أنزل الله تعالى وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى يعني صفراء بنت شعيب.
والقمي عن الصادق عن أبيه عليهما السلام في هذه الآية قال أي سيكون جاهلية اخرى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله في سائر ما أمركن به ونهاكن عنه إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا
القمي ثم انقطعت مخاطبة نساء النبي صلى الله عليه وآله وخاطب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال إنما يريد الله الآية ثم عطف على نساء النبي صلى الله عليه وآله فقال واذكرن ما يتلى ثم عطف على آل محمد صلوات الله عليهم فقال إن المسلمين الآية.
وعن الباقر عليه السلام نزلت هذه الآية في رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي ابن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وذلك في بيت ام سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وآله فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم ثم ألبسهم كساء له خيبريا ودخل معهم فيه ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي الذين وعدتني فيهم ما وعدتني اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فقالت أم سلمة وأنا معهم يا رسول الله قال أبشري يا ام سلمة فإنك على خير وعن زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام أن جهالا من الناس يزعمون إنه إنما أراد الله بهذه الآية أزواج النبي صلى الله عليه وآله وقد كذبوا وأثموا وأيمن الله ولو عنى أزواج النبي صلى الله عليه وآله لقال ليذهب عنكن الرجس ويطهركن تطهيرا كان الكلام مؤنثا كما قال واذكرن ما يتلى في بيوتكن ولا تبرجن ولستن كأحد من النساء


(188)

والعياشي عن الباقر عليه السلام ليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن إن الآية ينزل أولها في شيء وأوسطها في شيء وآخرها في شيء ثم قال إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا من ميلاد الجاهلية.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال يعني الأئمة عليهم السلام وولايتهم من دخل فيها دخل في بيت النبي صلى الله عليه وآله.
وعنه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في حديث أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي فإني سألت الله عز وجل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما عليّ الحوض فأعطاني ذلك وقال لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم وقال إنهم لن يخرجوكم من باب هدى ولن يدخلوكم في باب ضلالة قال فلو سكت رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يبين من أهل بيته لادعاها آل فلان وآل فلان ولكن الله عز وجل أنزل في كتابه لنبيه صلى الله عليه وآله إنما يريد الله الآية وكان علي والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام فأدخلهم رسول الله صلى الله عليه وآله تحت الكساء في بيت ام سلمة ثم قال اللهم إن لكل نبي أهلا وثقلا وهؤلاء أهل بيتي وثقلي فقالت أم سلمة ألست من أهلك فقال إنك إلى خير ولكن هؤلاء أهلي وثقلي وقال في آخر الحديث الرجس هو الشك والله لا نشك في ربنا أبدا.
وفي الخصال في احتجاج علي عليه السلام على أبي بكر قال فأنشدك بالله ألي ولأهلي وولدي آية التطهير من الرجس أم لك ولأهل بيتك قال بل لك ولأهل بيتك قال فأنشدك بالله أنا صاحب دعوة رسول الله صلى الله عليه وآله وأهلي وولدي يوم الكساء اللهم هؤلاء أهلي إليك لا إلى النار أم أنت قال بل أنت وأهل بيتك وفي احتجاجه عليه السلام على الناس يوم الشورى قال أنشدكم بالله هل فيكم أحد أنزل الله فيه آية التطهير على رسوله إنما يريد الله الآية فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله كساء خيبريا فضمني وفيه فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ثم قال يا رب هؤلاء أهل بيتى فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا غيري قالوا اللهم لا.
وفي الأكمال عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في جمع من المهاجرين


(189)

والأنصار في المسجد أيام خلافة عثمان أيها الناس أتعلمون أن الله عز وجل أنزل في كتابه إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا فجمعني وفاطمة وابنيّ حسنا وحسينا عليهم السلام وألقى علينا كساه وقال اللهم إن هؤلاء أهل بيتي ولحمتي يؤلمني ما يؤلمهم ويحزنني ما يحزنهم ويخرجني ما يخرجهم فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فقالت ام سلمة وأنا يا رسول الله فقال أنت أو إنك على خير إنما انزلت فيّ وفي أخي وفي ابنتي وفي ابنيّ وفي تسعة من ولد ابني الحسين عليهم السلام خاصة ليس معنا احد غيرنا فقالوا كلهم نشهد أن ام سلمة حدثتنا بذلك فسألنا رسول الله فحدثنا كما حدثتنا أم سلمة رضي الله عنها.
وفي العلل عن الصادق عليه السلام نزلت هذه الآية في النبي وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام فلما قبض الله عز وجل نبيه كان أمير المؤمنين ثم الحسن ثم الحسين عليهم السلام ثم وقع تأويل هذه الآية وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله وكان علي بن الحسين عليهما السلام ثم جرت في الأئمة من ولده الأوصياء عليهم السلام فطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله عز وجل.
أقول : الروايات في نزول هذه الآية في شأن الخمسة أصحاب العباء من طريق الخاصة والعامة أكثر من أن يحصى وقد ذكر في المجمع من طريق العامة منها ما ذكر من أراده فليطلبه منه.
(34) واذكرن ما يتلى في بيوتكن من ايات الله والحكمة من الكتاب الجامع بين الأمرين إن الله كان لطيفا خبيرا
(35) إن المسلمين والمسلمات الداخلين في السلام المنقادين لحكم الله والمؤمنين والمؤمنات المصدقين بما يجب أن يصدق.
في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه والمؤمن من أمن جاره بوائقه وما آمن بي من بات شبعان وجاره طاو.


(190)

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إن الأيمان ما وقر في القلوب والأسلام ما عليه المناكح والمواريث وحقن الدماء والأيمان يشارك الأسلام والأسلام لا يشارك الأيمان.
أقول : ويؤيد هذا قول الله سبحانه قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم والقانتين والقانتات المداومين على الطاعة والصادقين والصادقات في القول والعمل والصابرين والصابرات على الطاعات وعن المعاصي والخاشعين والخاشعات المتواضعين لله بقلوبهم وجوارحهم والمتصدقين والمتصدقات من أموالهم ابتغاء مرضات الله والصائمين والصائمات لله بنية صادقة والحافظين فروجهم والحافظات عن الحرام والذاكرين الله كثيرا والذاكرت بقلوبهم وألسنتهم أعد الله لهم مغفرة لذنوبهم وأجرا عظيما على طاعتهم.
وفي المجمع عن مقاتل بن حيان لما رجعت أسماء بنت عميس من الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب دخلت على نساء رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت هل نزل فينا شيء من القرآن قلن لا فأتت رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله إن النساء لفي خيبة وخسار فقال ومم ذلك قالت لأنهن لا يذكرن بخير كما يذكر الرجال فأنزل الله تعالى هذه الآية.
(36) وما كان ما صح لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون وقرء بالياء لهم الخيرة من أمرهم أن يختاروا من أمرهم شيئا بل يجب أن يجعلوا اختيارهم تبعا لاختيار الله ورسوله والخيرة ما يتخيره وقد مر في هذه الآية حديث في سورة القصص ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا
القمي عن الباقر عليه السلام وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله خطب على زيد بن حارثة زينب بنت جحش الأسدية من بني أسد بن خزيمة وهي بنت عمة النبي صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله حتى اوامر نفسي فأنزل الله عز وجل وما كان لمؤمن ولا مؤمنة الآية فقالت يا رسول الله أمري بيدك فزوجها إياه الحديث ويأتي تمامه عن قريب.